حيثيات حكم محكمة النقض فى قضية ايمن نور00 نوع جديد من الاحكام السياسية
أودعت محكمة النقض حيثيات حكمها بتأييد سجن الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد السابق، و٥ آخرين من ٥ إلي ٣ سنوات في قضية تزوير توكيلات حزب الغد، وتقليد أختام شعار الجمهورية، جاءت أسباب الحكم في ٤٣ صفحة، تضمنت رد محكمة النقض علي الأسباب التي دفع بها الدفاع أمام محكمة النقض لإعادة محاكمة المتهمين.
ردت محكمة النقض علي ما أبداه الدفاع بشأن مخالفة رئيس محكة استئناف القاهرة في تحديد دائرة جنائية بعينها لنظر القضية، أكدت النقض أن حكم الجنايات صدر من دائرة جنائية شكلت من ثلاثة من مستشاري محكمة استئناف القاهرة بوصفها محكمة جنايات، وبذلك فإن الحكم يكون قد صدر من هيئة مشكلة وفقاً للقانون، ولا يؤثر في هذا أن تلك الدائرة دون غيرها من دوائر محكمة استئناف القاهرة قد اختصت بنظر الدعوي الماثلة، إذ إن توزيع العمل علي دوائر تلك المحكمة لا يعدو أن يكون تنظيما إداريا بين دوائر المحكمة المختصة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون أخري، ولا يترتب عليه البطلان.
وأضافت محكمة النقض أن دفاع الطاعن الأول ـ الدكتور أيمن نور ـ كان قد دفع بعدم دستورية المادة رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ بشأن تفويض رئيس محكمة استئناف القاهرة بتحديد دائرة بعينها لنظر القضايا، وردت محكمة النقض أن القانون يتيح لها أن تتولي الرقابة القضائية علي دستورية القوانين واللوائح، وفي حالة دفع أحد الطاعنين بعدم الدستورية، فإن محكمة الجنايات تؤجل نظر الدعوي، وتحدد لمن أثار الدفع ميعاداً لا يتجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوي بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوي في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن، وهذا ما طبقته محكمة الجنايات التي نظرت القضية، ولا يجوز للدفاع أن يثيره أمام محكمة النقض.
وأكدت محكمة النقض أن وجوب إخطار مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية للمحامين قبل الشروع في التحقيق ضد محام بوقت كاف لا يعدو أن يكون اجراء تنظيميا لا يترتب علي مخالفته بطلان إجراءات التحقيق، وما أثاره الدفاع بهذا الصدد غير مقبول، وردت محكمة النقض علي ما أبداه الدفاع بشأن عدم إثبات ممثل النيابة في محضر الجلسات، بأن الثابت من محضر جلسة ١٧ أكتوبر ٢٠٠٥ حضور ممثل النيابة العامة ورده علي بعض ما أثير فيها وسؤاله بعض الشهود.
وأشارت محكمة النقض إلي عدم صحة ما أبداه الدفاع بعدم استجابة محكمة الجنايات لدفاع المتهم الأول بطلب الاستماع إلي بعض الشهود، حيث ثبت من أوراق محاضر الجلسات حضور الشاهدين يلدس رشاد وفايز عبدالمؤمن، واستغني الحاضر عن الطاعنين في سماع شهادتهما، وفيما يتعلق بعدم استجابة محكمة الجنايات لطلب دفاع أيمن نور بالاستماع لشهادة كل من رئيس الجمهورية ورئيسي مجلسي الشعب والشوري، ووزراء العدل والداخلية وشؤون مجلسي الشعب والشوري وأمين عام مجلس الشوري ومساعد وزير العدل لشؤون الشهر العقاري، فقد ردت محكمة النقض أن محكمة الجنايات رأت أنه لا علاقة لهم بالجريمة الجنائية التي إقترفها المتهم الأول، ويهدف في طلبه هذا إعطاء القضية حجما مغايرا أكبر من حجمها القانوني، والانحراف بها إلي طريق دعائي يهدف من وراء طلبه إلي المماطلة لتعطيل الفصل في القضية، وأضافت محكمة النقض في حيثياتها أنه وإن كان يتعين علي محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم في أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متي كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوي فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة.
وقررت المحكمة في حيثياتها أنه من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع استدعاء الضباط وقضاة التحقيق وأعضاء النيابة شهودا في القضية التي تؤدي الشهادة أمامها محلا لذلك، حيث إن أيمن نور كان قد طلب سماع شهادة المستشار سامح سيف رئيس نيابة أمن الدولة العليا، ولكن لمحكمة الموضوع الحق في عدم الاستجابة إذ أنها تأكدت من أن رئيس النيابة قام بمرافعة مطولة أمام المحكمة، ورد علي ما يريد الدفاع الاستنفار عنه، حيث أكد رئيس النيابة أنه ذهب إلي مقر لجنة الأحزاب السياسية لضبط التوكيلات وأنه تقابل مع الأمين العام لمجلس الشوري، وأفهمه مضمون مأموريته فكلف له أحد الموظفين الذي سلمه التوكيلات.
وكان دفاع نور قد طعن أمام محكمة النقض، وقال إن محكمة الجنايات لم تستجب لطلبه بشأن استجواب باقي المتهمين المعترفين في القضية، فردت محكمة النقض علي ذلك بأنه لا يجوز استجواب المتهم إلا إذا قبل ذلك، ولا يصح إلا بناء علي طلب المتهم نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته باعتباره صاحب الشأن الأصلي في الإدلاء بما يريد الإدلاء به لدي المحكمة، ولا يجوز سماع شهادة أقوال المتهم إلا إذا زال عنه الاتهام نهائيا، وفي تلك الدعوي فقد ثبت من أوراق الدعوي أن المتهمين المعترفين قد أحجموا هم ودفاعهم عن طلب استجوابهم وهذا يحق لهم طبقا لنص المادة ٢٧٤ في قانون الإجراءات الجنائية، بذلك فإن طلب دفاع نور بهذا الشأن غير صحيح.
وأشارت محكمة النقض في حيثياتها إلي أنه يحق لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن الطلبات التي يتقدم بها دفاع المتهمين إذا لم يتمسكوا بطلباتهم إلي نهاية القضية.
وقد دفع محامي المتهم الثالث أمام النقض بأن محكمة الموضوع لم تستجب له بشأن طلبه برد هيئة المحكمة، وقالت محكمة النقض ردا علي ذلك بأنه سبق لأيمن نور أن قدم طلب رد وتم وقف سير الدعوي لحين الفصل في طلب الرد أمام محكمة استئناف القاهرة، وانتهت بالرفض، وطبقا لقانون الإجراءات الجنائية فإنه إذا تقدم متهم آخر في نفس القضية بطلب رد، فعليه أن يتخذ الإجراءات المتبعة أمام دائرة الاستئناف، ومن حق محكمة الموضوع ألا توقف نظر القضية، وهذا ما حدث في القضية، ويترتب علي ذلك عدم صحة ما أبداه دفاع المتهم الثالث.
وردت محكمة النقض علي الدفع الذي أبداه دفاع نور بعدم تمكينه من الإطلاع علي الأحراز، فقالت المحكمة إنه ثبت من الأوراق ومحضر الجلسات أن الأحراز كانت معروضة علي بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مقدرة أي منهم الاطلاع عليها، كما صرحت محكمة الجنايات للدفاع بالاطلاع علي ما تحويه تلك الأحراز بمبني نيابة أمن الدولة العليا، كما أنه ثابت في الأوراق أن أحد المحامين كان قد طلب بجلسة ٢٥ أكتوبر ٢٠٠٥ التأجيل للاطلاع علي الأحراز، واستجابت له المحكمة وصرحت له باستكمال الاطلاع بقلم كتاب المحكمة واستأنف الدفاع القضية بالمرافعة دون أن يشير إلي عدم تمكينه من الاطلاع علي الأحراز.
كما جاء في الحيثيات أن قانون الإجراءات الجنائية في مادته رقم ٢٧١ أكد أن تنظيم سير الإجراءات بالجلسة المنعقدة لا يترتب علي مخالفته البطلان، حيث كان دفاع نور كان قد أكد في أسباب طعنه أن الجنايات خالفت قانون الإجراءات الجنائية بشأن تنظيم سير الجلسة، وردت المحكمة علي ما أبداه دفاع نور بشأن أن محكمة الجنايات قالت في حكمها ما نصه «وفي هذه الآونة تعيش التجربة الحزبية أزهي عصورها اتساعا وانفتاحا وممارسة»، وقرر الدفاع أمام النقض أن تلك الكلمات يتأكد منها أن رئيس محكمة الجنايات أبدي رأيا سياسيا وهو مناصرة الحزب الوطني الحاكم وحكومته ورجاله ضد حزب الغد الذي يرأسه الطاعن الأول، فردت النقض بأن تلك الكلمات لم تؤثر علي سير القضية، وليس لها أثر علي تفكير رئيس محكمة الجنايات، حيث إنه أقام قضاءه علي أدلة سائغة وكافية، وردت المحكمة علي الدفاع بأن محكمة الجنايات لم تتفحص القضية، وكونت حكمها مسبقا، مؤكدة أن الجنايات استعرضت أدلة الدعوة، ومحصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة.
وأكدت الحثيثات أنه علي فرض تناقض أقوال الشهود ـ حسبما ادعي الدفاع ـ فإن ذلك لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا بما لا تناقض فيه، وكما جاء في الحيثيات ردا علي ما أبداه الدفاع بشأن أن الجنايات لم تلتفت إلي التحقق من الاختلاف والتشابه في التوكيلات المزورة، بأنه لا يشترط القانون أن يكون التقليد متقنا بحيث ينخدع به الفاحص المدقق بل يكفي أن يكون بين الختمين أو العلامتين تشابه قد يسمح بالتعامل بها، كما لا يشترط في جريمة التقليد السالفة أن يكون الجاني قد قلد بنفسه خاتما أو علامة من علامات الحكومة بل يكفي أن يكون التقليد قد تم بواسطة غيره طالما أنه كان مساهما معه.
وردت المحكمة علي بطلان التفتيش دون إذن مسبب والقبض والتحقيقات بأن المادة ٩١ من قانون الإجراءات الجنائية جاء بها أن الأمر أو الإذن يقتضي أن يكون هناك أمر أو إذن ارتأي تنفيذ الإجراء ومأمور مأذون له بالإنابة أو الإذن، وقد اشترط القانون في تلك الحالة أن يكون أمر التفتيش صادرا لمأمور ضبط قضائي، والثابت في التحقيقات أن تفتيش مسكن ومكتب المتهم الأول ـ أيمن نور ـ قد تم بمعرفة النيابة العامة صاحبة السلطة في ذلك انطلاقا من مباشرتها التحقيق ولم تسند هذا الإجراء لأحد من مأموري الضبط القضائي بطريق الأمر أو الندب.
وبشأن بطلان اعتراف المتهم الثالث وعدوله عنه بالجلسات الجنائية، فمن المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متي اطمأنت إلي صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، كما لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف الصادر منه وليد لإكراه مادي ومعنوي ووعد ووعيد وتهديد وإهانة، وما إلي ذلك بغير معقب عليها مادامت تقيم تقديرها علي أسباب سائغة، كما أنه ثابت بالتحقيقات وجميع أوراق القضية أن الاعتراف الصادر من المتهم بريء من كل شائبة، وظل المتهم المذكور متمسكا بهذا الاعتراف طوال مراحل التحقيق وبصحته ولم يدع تعرضه للإكراه أو الإيذاء أو الوعد أو الوعيد، بل تمسك باعترافه أمام قاضي المعارضات حين عرض عليه للنظر في أمر حبسه، وبذلك تكون الاعترافات مبرأة من صدورها تحت تأثير الإكراه بكل أنواعه.
كما أنه ثبت من التحقيقات التي باشرها رئيس نيابة أمن الدولة العليا أنه قد مكن المتهم من الدفاع عن نفسه ومناقشته فيما يبديه من أقوال بعد أن أحاطه علماً بما هو منسوب إليه وحقيقة صفته وما إذا كان معه مدافع يحضر معه التحقيقات فأدلي المتهم بأقواله معترفا بالوقائع المسندة إليه.
وردت المحكمة علي ما أبداه دفاع المتهم الرابع ـ أحمد عبدالشافي ـ بأن محكمة الجنايات لم تقم بالتأكد من مدي سيطرة المتهم الأول ـ أيمن نور ـ علي شخصية موكله وعقليته، بأنه في أي مرحلة من مراحل الدعوي لم يطلب الدفاع من هيئة المحكمة إجراء تحقيق في هذا الشأن، فليس للدفاع أن ينعي علي محكمة الجنايات قعودها عن تحقيق أمر لم يطلب تحقيقه، كما أن سيطرة المتهم الأول علي موكله لا تعفيه من العقوبة.
كما أن دفاع المتهمين المعترفين قد طلب إعفاء موكليه من العقوبة طبقا للمادة ٢١٠ من قانون العقوبات، إلا أن محكمة الجنايات أدانتهم بأحكام تراوحت بالسجن المشدد من ٣ إلي ٥ سنوات، فقد ردت محكمة النقض أن الأشخاص المرتكبين لجنايات التزوير المذكورة بالمواد السابقة يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع في البحث عنها وعرفوها بفاعليها الآخرين، أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع في البحث المذكور، وكان من المقرر أنه ينبغي للإعفاء من العقوبة في حالة إخبار السلطات بجريمة التقليد المرتبطة بجريمة التزوير بعد شروعها في البحث أو الضبط أن يفضي المتهم بمعلومات جدية صحيحة تؤدي بذاتها إلي القبض علي سائر المساهمين في الجريمة، وهذا ما لم يفعله المتهمون إذ إنهم أدلوا باعترافاتهم بعد انكشافها، كما أن اعترافاتهم لم تفضي بمعلومات جدية تؤدي إلي القبض علي سائر المساهمين في الجريمة.
وردت فيما يتعلق بأن المتهمين المعترفين كان لديهم أعذار تحول دون الاعتراف في بداية القضية، بأن العذر الأول يفترض أن الإخبار كان قبل تمام الجناية وقبل الشروع في البحث عن الجناة، والعذر الثاني أن المتهمين لم يكونوا علي علم بتورطهم في تلك الواقعة، وردت النقض علي ذلك بأن القانون لا يحمي المغفلين طالما لم يثبت بأدلة جدية علي هذا.
صدرت الحيثيات برئاسة المستشار صلاح البرجي نائب رئيس محكمة النقض وعضوية المستشارين نير عثمان ومحمود مسعود وفتحي جودة وأحمد عبدالقوي ومحمد عبداللطيف، بحضور عماد محمد عبدالمجيد رئيس نيابة النقض وسكرتارية عادل عبدالمقصود ومحمود حماد.