منتدى المستشار القانونى طارق المظالى المحامى

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى المستشار القانونى طارق المظالى المحامى

شامل كافة التشريعات والموسوعات والكتب والبرامج القانونية واحكام النقض والدستورية والادارية العليا


    القانون لايحمي المغفلين

    المستشار طارق المظالى
    المستشار طارق المظالى
    Admin


    عدد المساهمات : 188
    تاريخ التسجيل : 02/08/2010

    القانون لايحمي المغفلين Empty القانون لايحمي المغفلين

    مُساهمة  المستشار طارق المظالى الثلاثاء أغسطس 03, 2010 11:20 am


    القانون لايحمي المغفلين


    يسود الاعتقاد لدى العديد منالناس ، كما ويتمسك بعض ذوي النوايا السيئة ، بفكرة مفادها ان ( القانون لايحميالمغفلين) ،


    والحال ان هذه المقولة تستخدم في غير الاغراض التي قيلت او وضعت مناجلها ، فهي فكرة قانونية فلسفية حسب الاصل ، مفادها ان الحماية القانونية للمصالحالخاصة ليست مطلقة بل نسبية ، فالحماية القانونية انما تبدأ قانونا من مستوى معينمن سلوك مفترض للاشخاص لاتنزل دونه ،


    ومن ثم يقع على عاتق الفرد واجب اتخاذ قدر منالحيطة والحذر في تصرفاته القولية والفعلية حتى تصبح الحماية القانونية له ممكنة،وهذه الحيطة قد تكون على شكل اجراءات او شكليات يقع على عاتق الفرد واجب اتباعهاحتى يمكن تفعيل الانظمة القانونية التي تحميه،


    ومن ذلك شرط التسجيل العقاري لانتقالالملكية في العقارات وشرط توثيق الدين بمستند عادي او رسمي للاثبات ، فتكون شروطالحماية القانونية هنا توفر هذا السند ، فأذا جاء الدائن بعد ذلك مطالبا بحقه امامالقضاء ، فأن القاضي يطالبه بابراز سند الملكية او الدين، فأن لم يتوفر هذا وانكرالمدين الدين فلا يقضى له بحقه ،


    فالقاضي لايحكم على مجرد الادعاء وانما على اساسماتوفر من بينات وعند عدم توفرها يلجأ القاضي الى ماتقرره نصوص القانون او المباديءالقانونية العامة في هذا الصدد ومنها مبدأ

    ( الاصل براءة الذمة وعدم مشغوليتها بأيةديون اوالتزامات وعلى من يدعي خلاف هذا الاصل ان يقدم البينة عليه ) ولما كانالدائن يدعي خلاف الاصل فعليه عبء اثبات مايدعيه ، فأن عجز عن ذلك فالقانون لايتمكن من حمايته لانه لم يتخذ قدرا معقولا من الحيطة اشترطها القانون لحمايته .



    وتعبر هذه الفكرة في مضمونها الفلسفي عن الفرق بين الحقيقة القانونية والحقيقةالواقعية الحقة ، وقد تتطابق الحقيقة القانونية مع الحقيقة الواقعية وقد لاتتطابق ،



    والقضاء يحكم بناءا على معطيات الحقيقة القانونية لا الحقيقة الواقعية عند عدمتطابقهما ، ولهذا كان للعدالة ضحايا ، ومن ذلك شهادة الزور ، اذ هي تحجب الحقيقةالواقعية الحقة عن نظر القاضي فيحكم بناءا على الحقيقة القانونية التي تجسدت فيشهادة الزور فهو يعتمدها مادام ليس هناك سبيل لكشف زورها وبهتانها .



    وفيما عداذلك فأن القانون يحمي المغفلين ومظاهر الضعف الانساني من استغلال المستغلين وكيدالكائدين ونصب المحتالين ،



    ومن تطبيقات ذلك تبني المشرع العراقي في القانون المدنيالعراقي لنظرية الغلط ونظرية التغرير مع الغبن ونظرية الاستغلال، فضلا عن تبنيهلنظم قانونية متطورة لحماية القاصر والمجنون والمعتوه والسفيه وذو الغفلة ورتباثارا قانونية عليها تجسدت في اعتبار التصرفات المشوبة بعيب من عيوب الرضا موقوفةعلى اجازة من تعيبت ارادته او وليه او القيم او الوصي عليه،



    فضلا عن تبنيه لنظريةالبطلان في حالات انعدام الاهلية او محل العقد اوسببه في العقود ، كما وتبنى المشرعالعراقي في قانون العقوبات العقوبة على جريمة الاحتيال وجريمة اصدار شيك بدون رصيد ....
    وبغية اعطاء صور واضحة تزيل اللبس عن هذا المفهوم الفلسفي ، نتناول بالبحثبعض مظاهر الحماية القانونية لمظاهر الضعف الانساني وهي نظرية الاستغلال :ـ


    نظرية الاستغلال في القوانين المقارنة والقانون المدني العراقي : نظريةالاستغلال بوجه عام نظام قانوني مؤداه توفير الحماية القانونية في حالة ان يعمد شخصالى ان يفيد من ناحية من نواحي الضعف الانساني يجدها في اخر ، كحاجة ملجئة تتحكمفيه ، او طيش بين يتسم به سلوكه ، او هوى جامح يتحكم في مشاعره وعواطفه ، او خشيةتأديبية تسيطر عليه ، فيجعله يبرم عقدا ينطوي عند ابرامه على غبن فاحش يتجسد في عدمالتناسب بين ما أخذه منه وما اعطاه له ، فيؤدي به الى خسارة مفرطة ، بحيث يمثل عقدههذا اعتداءا على قواعد الاخلاق والائتمان السائدة في المجتمع ومبدأ حسن النية .




    والاستغلال مظهر من مظاهر تطور فكرة الغبن من نظرية مادية الى نظرية نفسية ،فالغبن هو المظهر المادي للاستغلال .



    والاستغلال كعيب يشوب الرضا،نظام قانونيحديث نسبيا ظهر في العصور الحديثة بتأثير نزعة العدالة من وجه ، والرغبة الصادقة فيمكافحة النوايا السيئة،اذ يحارب نظام الاستغلال من ناحية التفاوت الصارخ بينمايأخذه المتعاقد وبين مايعطيه ، ومن ناحية اخرى يحارب استغلال نواحي الضعفالانساني في المتعاقد لان ذلك لايأتلف مع شرف التعامل وحسن النية وقيم المجتمعالمتحضر .



    ويعتبر القانون المدني الالماني الصادر سنة 1866 النافذ في اول ينايرسنة 1900 اول من تبنى الاستغلال كعيب مستقل من عيوب الرضا وهو الذي اوحى بفكرتهللتشريعات التي تلته ، ونظر المشرع الالماني الى الاستغلال من ناحيته الثانية فرأىفيه مخالفة لحسن الاداب من شأنها ان تدمغ التصرف بالبطلان المطلق ، الا ان السائدفي التشريعات الحديثة ان ينظر الى الاستغلال كعيب من عيوب الرضا لايؤدي الى البطلانوانما يتمثل بقابليته للأبطال .




    وتبنى المشرع العراقي نظرية الاستغلال في المادة (125) من القانون المدني العراقي حيث نصت على انه ( إذا كان احد المتعاقدين قداستغلت حاجته او طيشه او هواه او عدم خبرته او ضعف اداركه فلحقه من تعاقده غبن فاحشجاز له في خلال سنة من وقت العقد ان يطلب رفع الغبن عنه الى الحد المعقول ، فاذاكان التصرف الذي صدر منه تبرعا جاز له في هذه المدة ان ينقضه ) .



    وقد اقتبسالمشرع العراقي احكام هذه المادة من المادة (138) من القانون المدني الالمانيوالمادة (21) من قانون الالتزام السويسري .
    معيار الاستغلال والغبن الفاحش:ـيعمل النظام القانوني للاستغلال على ان يفوت الفرصة



    على ذوي القصد السيء ممنيتلمسون مظاهر الضعف الانساني بقصد الحصول على مكاسب غير مشروعة ، والحال ان كلمظهر من مظاهر الضعف الانساني من شأنه ان يحقق الاستغلال ، وفي ضوء ذلك فأن بعضالتشريعات تضع قاعدة عامة في الاستغلال من شأنها ان تنطبق على اي مظهر من مظاهرالاستغلال ايا كان نوعه او طبيعته تماشيا مع خصيصة التجريد التي ينبغي ان تكونعليها القاعدة القانونية التي تسمو على التفصيلات والجزئيات .



    الا ان المشرعالعراقي لم يضع قاعدة عامة في الاستغلال،وانما اتبع طريقة التعداد على سبيل الحصرلمظاهر الضعف التي يحميها القانون وان توسع فيها قياسا للمشرع المصري الذي قصر محلالاستغلال على الطيش البين والهوى الجامح .



    ان طريقة التعداد على سبيل الحصر هذهتجعل من وضع معيار عام محدد لقياس مظاهر الضعف الانساني امرا متعذرا ايضا ، ولماكانت الحالات المذكورة هي حالات نفسية ، وتمثل اعتداءا على اخلاقيات التعامل وحسنالنية ، فينبغي على القاضي اعمال المعيار الذاتي ، ويبحث في مدى قيام احدالمتعاقدين بأستغلال حاجة المتعاقد الاخر او طيشه او عدم خبرته او ضعف ادراكه ،وبحث القاضي ينصب هنا على العناصر النفسية والشخصية لدى المتعاقد الذي لحقه غبننتيجة الاستغلال ، فهي عناصر داخلية لصيقة بذات المتعاقد ، يقوم القاضي بأكتشافهافي ضوء مقومات المعيار الذاتي المتعلق بحالات الضعف الواردة في المادة (125) منالقانون المدني العراقي ، ومراعيا قواعد الاخلاق السائدة في المجتمع .




    وينبغيعلى القاضي ان يتحقق من ان الاستغلال هو الدافع الى التعاقد ، بمعنى ان يكونالمتعاقد الاخر هو الذي سعى الى حمل الضحية على ارتضاء العقد على نحو ما ارتضاهعليه بحيث انه ماكان ليرتضيه على هذا النحو لولاه ، فلو تبين ان المتعاقد المغبونكان سيتعاقد في كل الاحوال فلايتحقق الاستغلال ولو تحقق الغبن وبوجود مظاهر الضعفبصورها المتعددة ،




    ذلك ان المشرع العراقي لايعتبر الغبن لوحده عيبا مستقلا ، كما انوجود الضعف كصفة لصيقة بالشخص لايعني تحقق الاستغلال دائما ، فكثير من الناس تبيعاموالها تحت ضغط الحاجة وكثيرا مايهب المحبين الى اعزائهم اموالا وقد لايعرف الجديدفي مهنته مواقع الاسواق الاكثر مناسبة من حيث السعر والجودة ، والقول بوجودالاستغلال في مثل هذه الحالات فيه تهديد لاستقرار التعامل ،



    وانما ينبغي انتتوافرعناصر الاستغلال وهي اختلال التعادل بين ماالتزم به المتعاقد المغبون وبين مايأخذه في مقابل ذلك اختلالا يؤدي الى الغبن الفاحش وهذا هو العنصر الموضوعي فيالاستغلال ، وان يكون استغلال الضعف لدى المتعاقد هو الدافع الى التعاقد ، وهذا هوالعنصر النفسي في الاستغلال .


    معيار الغبن الفاحش :


    الغبن مشكلة اجتماعيةقديمة ولم تهتدي القوانين القديمة والحديثة الى ايجاد معيار موحد ومرض لها ، ذلك انهذه المشكلة الازلية تقوم على اعتبارات اجتماعية وخلقية واقتصادية غير ثابتة وخاضعةلقانون التطور العام للمجتمع.



    وقد عالج المشرع العراقي القديم الرائد(1) مشكلةالغبن من خلال اعتماده نظام تسعيرة المواد الغذائية والحاجات التي تهم عموم الناسوتثبيت اجور العمال والعربات والحيوانات في المواد ( 1ـ 11) من قانون اشنوناوالمواد من (125 ــ ومابعدها ) من قانون حموراربي ، كما اعتمد قانون حمورابي مفهومالسبب الاجنبي الذي يعفي المدين من تنفيذ التزامه ، فالمادة (48) منه تقرر اعفاءالمزارع الذي يهلك زرعه بفعل الفيضان من تقديم حبوب الى دائنه في ذلك العام ويعفىمن الفوائد الخاصة بتلك السنة ، ولم تعرف البشرية مثل هذه الاحكام العادلة التيتمنع استغلال مظاهر الضعف الانساني سواء كان مصدرها حالة الشخص ذاته او كان مصدرهاالطبيعة ، الا بعد عهود طويلة من الظلم والعدوان الاجتماعي .


    والغبن في القانونالروماني في عهده المدرسي ، يسيراً كان او فاحشاً لايؤثر على صحة العقد الا اذااقترن بالتدليس او ان العقد صدر من قاصر يقل عمره عن (25) سنة ، ويبررون ذلك بالقولان على الرجل العاقل المستقيم ان يتحمل نتائج اعماله ، وفي عصر مايعرفبالامبراطورية السفلى امكن لبائع العقار ان يطعن بعقد البيع اذا كان الثمن المتعاقدعليه اقل من نصف القيمة الحقيقية للمبيع ،




    الا انه بحلول العصر العلمي ( 130 ق.م ــ 284م) ظهر مايعرف بمبدأ حسن النية في العقود الذي يقتضي قيام المدين بتنفيذ التزامهبحسن نية اي من دون مكر ومن دون سوء نية ومن دون غش وان يبذل في سبيل تنفيذه عنايةالرجل المعتاد .




    وفي القرون الوسطى بدأ مبدأ سلطان الارادة بالتنامي الا ان رجالالكنيسة قيدوا هذا المبدأ بالعدالة ومبدأ حماية الضعيف من استغلال القوي فحددواللسلع اثمانها وللعمل اجره ، وهذا ماكانوا يسمونه بالثمن العدل وبالاجر العدل .



    وفي ظل الثورة الفرنسية اطلقت حرية التعاقد وفقا لمبدأ سلطان الارادة ولم تحرمالغبن حتى في بيع العقار بل لم تضع حدا اعلى للفائدة ، وقد تأثر القانون المدنيالفرنسي بما جاءت به الثورة الفرنسية فنظر الى الغبن نظرة مادية ليتحقق في حالاتمحدودة ، فالغبن فيه لايؤثر في صحة العقود الا في حالات استثنائية نص عليها .



    موقف المشرع العراقي من معيار الغبن : اذا كان المشرع العراقي قد قال بالغبنالفاحش الا انه لم يتبن معيارا معينا لتحديده ، الا في حالة خاصة هي ماذكرته المادة (1077ف2) بشأن قسمة المال الشائع ، وهذا يعني انه ترك تقدير الغبن الفاحش لاجتهادالقضاء ، ولما كانت مباديء الشريعة الاسلامية بمقتضى الفقرة الثانية من المادةالاولى من القانون المدني العراقي احد المصادر التي تستمد منها الاحكام بعد التشريعوالعرف ، فيمكن للقاضي ان يعتمد احد المعايير التي تبناها



    جانب من الفقه الاسلامي .


    موقف الشريعة الاسلامية الغراء من معيار الغبن : بصورة عامة يقسم فقهاءالشريعة الاسلامية الغبن الى نوعين، يسير وفاحش ، والغبن اليسير هو الذي لايمكنتجنبه في المعاملات ومن المتفق عليه بين الفقهاء ان هذا النوع من الغبن يتسامح فيه، ولايعطى للمتعاقد المغبون خيار الغبن .



    اما الغبن الفاحش فقد اختلف الفقهاء فيتحديد مقداره ، وهناك معياران لتحديده :



    ووفقا للمعيار الاول ينظر الى قيمةالشيء وتحدد نسبة بين هذه القيمة وبين الثمن الذي دفعه المتعاقد كحد ثابت للغبن ،فأذا زاد الثمن عن هذا الحد او نقص عنه تحقق الغبن، وقد تراوحت تقديرات الفقهاء فيهذا الباب بين الثلث وربع العشر .


    اما المعيار الثاني الذي تبناه جانب من فقهاءالشريعة الاسلامية فانه يعرف الغبن الفاحش بانه ( ما لايدخل في تقويم المقومين ) فان دخل في تقويمهم فهو يسير لا فاحش .


    فلو بيعت سلعة بمليون دينار وقومها بعضاهل الخبرة بمايزيد على هذا المبلغ والبعض بما ينقص عنه كان الغبن يسيرا، اما لواتفقوا جميعا على تقويمها باقل من هذا المبلغ فأن في البيع غبن فاحش بالنسبة الىالبائع ، اما اذا اتفقوا جميعا على تقويمها باكثر من هذا المبلغ كان في البيع غبنفاحش بالنسبة الى المشتري .
    ------------



      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 10:41 pm